5:- اتفاقية كيوتو والخطر القادم: في العام 1994 حين قرّر الاتحاد الأوروبي إلزام نفسه باتفاقية كيوتو ونتائج قمة الأرض في ريوديجينرو التي عُقدت قبل عامين من هذا التاريخ، بدأت تتغيّر خرائط الطاقة في العالم، وذكرت سابقاً أن واشنطن أول من شعر بالخطر، وحدث انقلاب حمد آل ثاني على أبيه في العام 1995 وقتل رابين ومعه العملية السلمية، والسبب الحقيقي هو الانتقال من الاعتماد على الفحم والنفط إلى الغاز والوقود الحيوي، بحيث يُلغى استعمال الفحم ويقلّل استعمال النفط على حساب الوقود الحيوي والغاز، وبالتالي ظهرت أخطار مرعبة، فإما ألا يأخذ الإتحاد الأوروبي بعوامل الاحتكار ويصبح تحت النفوذ الروسي وتعزل فرنسا وألمانيا وأمريكا عن باقي أوروبا ووسط آسيا، وإما أن يعتمد على مصادر متنوّعة للغاز، وبالتالي بدء صراع جديد في الشرق الأوسط، في المخطّط الأمريكي هو حرب على روسيا على أمل الوصول إلى ثروات بحر قزوين وثروات مناطق الشيشان وداغستان، والسيطرة على وسط آسيا وبشكل خاص محيط بحر قزوين، فضلاً عن الصراع على إفريقيا وبشكل خاص شمال إفريقيا، ولمزيد من التفاصيل يمكن مراجعة المقال التالي: (هل تتخلّى روسيا والصين عن سورية مقابل عشرة مليارات دولار..؟) 6:- صراع أنابيب الغاز بين موسكو وواشنطن: 6،1:- المشروع الأمريكي في المنطقة (نابوكو): لنلقي نظرة على خريطة الخط حسب وكالة الصحافة الفرنسية قبل الخوض في إمدادات هذا الخط:
لم يكن صرف ثلاثة آلاف مليار دولار في العراق لنهب نفط بنصف مليار دولار، فواشنطن لا تتاجر بالبيض كجحا، ولكن من اسم خط نابوكو نفهم سبب احتلال العراق، فنابوكو اسم عمل موسيقي لفيردي يتحدّث عن السبي البابلي لليهود في العراق، أعلن عنه مع صعود عبد الله غل للسلطة في تركيا وبعد الإعلان عنه بأقل من عام تمّ احتلال العراق، وهذا الخط كان من المفترض أن يبدأ في العام 2009 ثم تمّ تأجيله للعام 2012 ونتيجة فشل احتلال جنوب لبنان في العام 2006 تمّ تأجيله إلى العام 2014 وبعد فشل حرق سورية تمّ تأجيله للعام 2017، وهذا الخط مستحيل أن يعمل إلا بحرق سورية ولبنان حرقاً نهائياً أو تحويلهما إلى دويلات طائفية متقاتلة تديرها كل من إسرائيل وتركيا، والسبب الرئيسي لذلك هو خط غاز شرق المتوسط الذي سيكون المصدر الرئيسي لغاز هذا الخط إلى جانب غاز شمال العراق، وهذا الخط في حال تمّ تنفيذه وتأمين بديل للغاز الروسي مع رفع صادرات نفط الخليج سينهار الاقتصاد الروسي وتصل واشنطن إلى بحر قزوين حيث هدفها الرئيسي، ولا يمكن فهم خطورة هذا الخط على العرب إلا بعد مشاهدة خريطة خط غاز شرق المتوسط.
خط غاز شرقي المتوسط يمكن أن يمرّ بثلاث حالات فقط، 1- إما دخول سورية ولبنان في المظلة الإسرائيلية والتنازل عن كل الحقوق العربية، ولكن حتى هذا الأمر غير مضمون ترفضه واشنطن كونها تخشى ظهور حركات مقاومة تستطيع استهداف منشآت الغاز. 2- تدمير سورية ولبنان نهائياً وتصفية القضية الفلسطينية وهذا الأمر شبه مستحيل 3- الخيار الوحيد المتبقي هو تقسيم سورية ولبنان إلى دويلات طائفية متقاتلة دائماً كإقليم كشمير تدير الصراع فيها إسرائيل وتركيا، وهو جوهر عملية الياسمينة الزرقاء لتقسيم سورية ولبنان إلى دويلات طائفية، ولهذا رسم لدخول قوات إسرائيلية وتركية إلى سورية حين تشتعل طائفياً، كطريق وحيد لتمرير هذا الخط.
بالعودة إلى خط نابوكو الذي عليه نقل 31 مليار متر مكعب من الغاز ثم رفعها إلى 40 مليار متر مكعب يبقى هناك نقص في الغاز، وطبعاً الحل بالغاز القطري الذي سيمر بالسعودية والأردن إلى إسرائيل، وبالتالي تصبح كل من إسرائيل وتركيا نقاط مرور غاز للإتحاد الأوروبي، أمنهم من أمن أوروبا، وهذه صورة لخط الغاز القطري الواصل إلى الكيان الصهيوني.
خط الغاز القطري يوصل الغاز القطري إلى الكيان الصهيوني ومنه إلى تركيا فأوروبا دون الحاجة إلى تسييل الغاز، ويحوّل قطر إلى عدقة غاز جديدة بعد احتلال إيران التي سيُوزع غازها حسب المخطط الأمريكي ما بين خط إلى قطر وآخر إلى تركيا.
يكفي إلقاء نظرة على الخرائط الثلاث السابقة لفهم سبب العدوان على لبنان في العام 2006 والعدوان على سورية في العام 2011 وسبب قيام واشنطن بتشجيع التطرف الإسلامي والفتن الطائفية، فالمشروع الأمريكي مشروع دم على كل العرب دون استثناء، وإن كان الثمن الأكبر ستدفعه فلسطين ولبنان وسورية والأردن. 6،2:- مشاريع الغاز الروسية السيل الشمالي والسيل الجنوبي:
أدركت روسيا خطورة المشاريع الأمريكية عليها، ولهذا خطّطت لمد خطوط غاز عبر البحر بحيث لا يمكن التأثير عليها كما حدث في العام 2008 حين سرق البرتقاليون في أوكرانيا الغاز الروسي وحين تحوّلت أوكرانيا إلى عائق أمام صادرات الغاز الروسي، وكذلك حين بدأ الإعداد لثورة ملوّنة في بيلاروسيا ورفع الضغوط الأمريكية عليها، فكان خط غاز السيل الشمالي هو خط احتياطي لصادرات الغاز الروسي عبر بيلاروسيا ولا يمرّ بأراضيها بل بمياهها ويحافظ على بيلاروسيا (روسيا البيضاء) ضمن الفلك الروسي، والسيل الشمالي بعد فشل العدوان على لبنان قد وقعت عليه الدول المعنية وخصوصا ألمانيا وتمّ تنفيذه وهو قيد العمل الآن، أما السيل الجنوبي وهو المنافس لخط نابوكو الذي يعيد النفوذ الروسي إلى أوكرانيا، فبعد الفشل بحرق سورية سلّم وزير الطاقة التركي للروس آخر وثيقة تسمح بمروره وسيبدأ تنفيذه نهاية هذا العام، وأدناه صورة السيل الجنوبي والسيل الشمالي، وحول خط غاز السيل الجنوبي يمكن مراجعة مقال (بوتين يبتسم منتصراً في سورية...) على هذا الرابط: http://www.jpnews-sy.com/ar/news.php?id=36266
خطوط الغاز الروسية السيل الجنوبي والسيل الشمالي تتيح لروسيا الاستغناء عن نقل الغاز عبر البر وخصوصاً عبر أوكرانيا، وبالتالي ستترك أثراً اقتصادياً ضخماً، ولاسيما أن حجم الغاز المار عبر أوكرانيا يصل إلى 54 مليار متر مكعب، وبالتالي تفقد دخلاً ضخماً من موازنتها، ولهذا ستعود إلى الحظيرة الروسية لتنعم بغاز رخيص دون رسم عبور في حال توقف العبور من أراضيها، بل وأكثر من ذلك يزيل النفوذ الأمريكي من المحيط الجيوسياسي لروسيا إلى أكثر من أوكرانيا. 7:- الصراع الروسي الأمريكي: حرب الغاز لا تقتصر بين روسيا وواشنطن على الشرق الأوسط بل تمتد إلى شمال إفريقيا، وإفريقيا تبدأ من نيجيريا إلى النيجر بلد مرور الغاز وصولاً إلى الجزائر، والجزائر من أهم النقاط التي حدث عليها صراع، وكذلك تونس كمعبر غاز لإيطاليا وليبيا كبلد غاز، وحرب الطاقة منذ انهيار الإتحاد السوفييتي وواشنطن تشنّها وبدأت بإشعال الشيشان ومحاولة إشعال داغستان على وقع محاولة حرق الجزائر، وصولاً للثورات البرتقالية كانت فيه موسكو بحال دفاع عن النفس استمرت حتى خسارة إسرائيل العدوان على لبنان، حيث بدأت موسكو والصين بشن هجمات مضادة ومنذ العام 2006 بدأت واشنطن بالانحسار، ولكن هناك دولتان هما سورية وإيران ومعهما المقاومة في فلسطين ولبنان كان لهما إستراتيجية مختلفة استغلت الصراعات الدولية لوضع مخطط القضاء على الكيان الصهيوني وهو جوهر الجزء القادم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق