15‏/05‏/2012

فشل أمريكي.. ونجاح للمخابرات السورية تفاصيل عملية زهرة النسرين– التروجان (1-2)


قبل أسابيع كتبت عن إخفاق أمني أمريكي كبير على الأراضي السورية ولم أفصّل شيئاً من هذه العملية الأمنية، ولاحقاً تسرّب الخبر من أكثر من مصدر، بل إن الكثيرين حين شاهدوا موافقة الأمريكي على مهمة كوفي أنان، كانوا يعلمون أن هذه الموافقة لم تكن كرم أخلاق أمريكياً، ومثلها المبادرة العربية، بل هي نتيجة فشل ما أو تخطيط لعمل ما، والسؤال الملح ما هي تفاصيل هذا الإخفاق الأمريكي..؟ وهل اسم هذه العمل الأمني كان زهرة النسرين..؟


زهرة النسرين..؟


تفاجأ الكثير من السوريين بكفاءة ونزاهة بعثة المراقبين العرب برئاسة الفريق الدابي، فكان تقريرهم موضوعياً وحيادياً بنسبة كبيرة جداً، ولكن هذا الفريق الموضوعي كان غطاءً للعمل على الأرض، فخلال وجود الفريق الدابي حدث فراغ أمني كبير على الأرض حين رفعت الحواجز وتم سحب العناصر الأمنية والجيش من مناطق حساسة، وساهم الفراغ الأمني بإعادة تجميع الخلايا التكفيرية المبعثرة وإعادة تسليحها والتحضير لعملية أمنية كبرى في سورية، وهذه العملية لا يمكن تسميتها إلا عملية تقسيم سورية، ولكن بعد أن فشلت وتسرّبت أخبار الإخفاق ظهر على الشبكة العنكبوتية اسم (زهرة النسرين)، علماً بأن هذا الاسم لا علاقة له بما حدث على الأرض، وأكثر من ذلك أن هذا الاسم عبارة عن تروجان إعلامي (حصان طروادة)، لا علاقة له بأي عمل أمني أمريكي، وفي الوقت نفسه لا ينفي الإخفاق الأمني الأمريكي الصهيوني على الأرض.


الإخفاق الأمني الأمريكي..؟


كلنا يذكر كيف تمّ إشعال حمص عبر الخطف والقتل والتمثيل بالجثث وحرب الإشاعات، وكذلك نذكر ما حدث في اللاذقية حين كان سيارات تنشر الإشاعات بين الأحياء، والذي حدث قبل فترة قصيرة هو تكرار للسيناريو في مكان حساس جداً، وبعملية خطف وقتل شخص وعلى إثرها وخلال ساعات كانت خلايا جاهزة للعمل، بدأت بنشر الإشاعات بأن القتل رافقه تمثيل بالجثة والشهيد ابن شخص هام له شعبيته، وبأن هناك الكثير من المخطوفين ويجب أن نقوم بما يلزم لتحريرهم من خلال خطف أشخاص من الجهة المقابلة، ونجح الأمريكي فعلاً بتحريك المنطقة تقريباً في مكان من أكثر المناطق حساسية في سورية، وكادت تشتعل تلك المنطقة ويشتعل معها الخطف والقتل، ولكن لا أحد يعلم ماذا حدث في ساعة الصفر، وكيف تبيّن أن من أمسك الأرض والجموع الغاضبة هم المخابرات السورية بحيث تمّ (تنفيس الاحتقان) بمخططات ذكية وزعت الجموع على حواجز شعبية متفرقة ومنعت التصادم واستمر الأمر يومين وعادت الأمور لسابق عهدها، دون أن يشاهد أي وجود أمني أو عسكري في المنطقة، وليس ذلك فحسب بل إن حواجز المدنيين كانت توقف سيارات الأمن المارة وتطلب هوياتهم ويستجيب لهم الأمن، مدركاً أن هناك ما يُسمّى (فورة دم) يجب امتصاصها، وعوضاً عن قيام هذه الجموع بمهاجمة منطقة معينة توزعت على حواجز في عدة قرى، حتى أخذ العقلاء دورهم في تهدئة الأمور وسحب الشباب الهائج والسذج الذين حكمتهم الإشاعات، وقد سبق العمل الأمني تحريض قام به سياسيون لبنانيون بشكل فج ووقح، وتحضير ميداني كبير جداً، وحين كانت الأقمار الصناعية ترصد الحشود التي تجاوز عددها الأربعة آلاف، وكان من الممكن أن يصل إلى عشرات آلاف فيما لو حدث أي اشتباك صغير، وحين جهز الأمريكي نفسه للاحتفال، انقطع اتصاله بعملائه وشهد فض الحشود دون أن يرصد أي تدخل أمني أو عسكري ودون أن يعلم أين ذهبت الحشود، ودون حدوث أي اصطدام طائفي، ودون أن يعلم كيف استطاعت الاستخبارات السورية اعتراض الاتصالات وإعادة توجيه الأوامر بشكل مغاير وتحديد هوية العناصر التي تعمل على الأرض، والأهم من ذلك هو رسالة إتمام المهمة التي تتكرّر للمرة الثالثة خلال الأزمة السورية، فالرسالة التي كان يجب أن تستلمها الاستخبارات الأمريكية عن نجاح العمل الأمني لتحريك الطرف الآخر في النزاع، وبدء الحملة الإعلامية الكبرى، أرسلتها الاستخبارات السورية وجاء فيها (نائب لبناني سرق نصف الأموال المرسلة لعصاباتكم ففشلت العملية مع تحيات المخابرات العامة السورية..)، وبهذه الرسالة دُفن مشروع فتنة كان ممكناً أن يتحوّل إلى كارثة فيما لو نجح وسقط في اللحظة الأخيرة، وطبعاً القصة كان لها أغصان في الكثير من المناطق، فهي أكبر من هذا الأمر، ولكن كان هذا الجزء الأخطر منها الذي يمكن أن يهدّد وحدة الأراضي السورية ووحدة الجيش العربي السوري، فما بين تطهير بابا عمرو وصولاً إلى قبول الأمريكي بمبادرة كوفي أنان كان هناك انهيار لمشروع أمريكي بحجم مشروع تقسيم سورية، وما كتبته جزء صغير منه، ولحساسية الموضوع قد لا يمكن كشف ما حدث إلا بعد شهور، ولكن العمل الأمني كان بحجم عملية الياسمينة الزرقاء ما بين مطلع آذار ونهاية أيار العام الماضي والذي سُمّي الياسمينة الزرقاء والذي اسمه الحقيقي مشروع تقسيم سورية لأجل خطوط الغاز الأمريكية.


لماذا زهرة النسرين..؟


بعد أيام على بدء ظهور نتائج الإخفاق الأمني الأمريكي، بدأ عشرات المسلحين بتسليم أنفسهم للسلطات السورية، وكما تسرّب خبر الإخفاق الأمريكي، كذلك ظهر تسريب جديد اسمه (سقوط زهرة النسرين)، حيث في جحور التكفيريين والعصابات المسلحة كان هناك من يقول لعناصره (شاهدوا النظام السوري يتهاوى، ما شاطر إلا بالحديث عن المؤامرات، يوم الياسمينة الزرقاء ويوم زهرة النسرين وبكره يمكن الزنبقة الخضراء أو زهرة الغاردينييا)، ويكمل (انسحابنا من بابا عمرو تكتيكي وهناك مفاجآت كبرى، وهي إيدي على شواربي أنه خلال شهر أو شهرين روسيا رح تتخلى عن سورية ويتدخل الناتو)!!!.


العصابات المسلحة تستثمر تصريحات نبيل العربي..!


أن يخرج نبيل العربي شخصياً وعدة مرات خلال شهور، ليكذب علناً أمام الإعلام ويقول: هناك تغيّر في الموقف الروسي، وتارة لمسنا تغيراً بالموقف الروسي، ليستثمر قادة العصابات المسلحة هذا التصريح للإيحاء بأن روسيا بصدد التخلي عن سورية، وتدخل الناتو قادم فاصمدوا أيها المقاتلون!!.. وهنا يمكن إدراك أهمية التروجان الإعلامي بالنسبة لمشروع متخبّط في سورية، حين يقوم سياسي مثل نبيل العربي بالكذب علناً فقط ليستعمل قادة العصابات المسلحة هذه الكذبة في عمليات غسل دماغ المضلّلين، ومثلها تصريحات مفخّخة لبان كي مون، وفضلاً عن التروجانات الإعلامية على الشبكة العنكبوتية، وهذا ربما يشير إلى تخبّط الأعداء، ولكن الأهم أنه يعني أن الأعداء مستمرون بحربهم الإعلامية وحروبهم النفسية بغض النظر إذا استهدفت رفع معنويات عناصر العصابات المسلحة أو تحطيم معنويات المواطن السوري، ومن هذه التروجانات الإعلامية كانت زهرة النسرين، فما هي أبعاد هذا التروجان الإعلامي؟؟.


نظرية المؤامرة..؟


رغم أن المؤامرة واضحة وضوح الشمس مازال الأمريكي حتى اليوم يحاول تسخيف ما يحدث في سورية بين العناصر المغرّر بها بالذات، وتصوير الأمر بين العناصر التخريبية والإرهابية والمضللين بأنه نظرية مؤامرة، ويستغل في ذلك ضعف الإعلام السوري، فحين يقوم الأمريكي بتزوير تقرير للتضليل الإعلامي وينسبه لقناة الدنيا ويوزع الفيلم على الانترنيت ويحوّل تقريراً مزوراً، وكأنه من تقارير قناة الدنيا والتقرير مكشوف الكذب، ربما يهمل تلفزيون الدنيا هذا التقرير المزور لأنه يعلم أن مشاهديه يميّزون تقاريره عن التقارير المزوّرة والمنسوبة لقناة الدنيا، ولكن على الأرض وبين العناصر المسلحة يستثمر هذا الفيلم المزوّر للإيحاء للعناصر التخريبية والمغرّر بها بأن ما تبثه قناة الدنيا لا يستحق المشاهدة، فهذه التقارير المزورة لن تغيّر موقفي أنا مشاهد قناة الدنيا كوني أعلم أنها مزورة لأني أشاهد تقرير قناة الدنيا بشكل يومي، وأصدقاء سورية يتابعون التقرير من صفحات قناة الدنيا وليس من غيرها، ولكن فقط على الأرض يتمّ استثمار هذه التقارير المزوّرة لمنع العناصر المغرّر بها من مشاهدة الإعلام الوطني ومنعها من تسليم نفسها للسلطات السورية، وسابقاً كانوا يصورون المظاهرات من الخلف فقط ويعرضونها من الخلف وفي لحظة ما يعرضون وجوههم، ومن ثم الإيحاء لهم بأنهم مطلوبون من الأمن السوري، فهناك من صوّر وجوههم ونشر الصور، ليجرهم إلى حمل السلاح، إذاً الحرب النفسية من جهة تستهدف تحطيم معنويات المواطن السوري وتكريس سؤال واحد في ذهنه (إلى متى؟) كي يشعر بالإحباط واليأس ويصبح أداة ضغط على القيادة، ومن جهة ثانية تعزيز معنويات المغرّر بهم واستقطاب العقول الصغيرة إلى طريق الإرهاب!!.


زهرة النسرين مثالاً..؟


رغم أن الإخفاق الأمني الكبير موجود، ورغم أنه لم يتم تسريب كل ما حدث، لكن العاقل يكفيه أن يشاهد موافقة واشنطن على مهمة كوفي أنان ليعلم أن هناك إخفاقاً أمريكياً كبيراً، ومع ذلك حين يتم الحديث عن زهرة النسرين على الأرض، يصوّر الإخفاق الأمني الأمريكي على أنه انتصار، فما هي أبعاد الإشاعات التي ترافقت مع تسريب ما يُسمّى فشل زهرة النسرين؟؟.


- حجب الحقيقة: ما إن يقول زعيم عصابة مسلحة لعناصره: شاهدوا تخبّط النظام في سورية، يوم ينشر الياسمينة الزرقاء ويوم زهرة النسرين وغداً الزنبقة الخضراء، فهذا هدفه تعمية هؤلاء المضلّلين عن حقيقة سقوط بابا عمرو، والحدّ من تداعياتها على نفسية المضلّلين، فهؤلاء حين يقال لهم النظام مرتبك ويؤلّف القصص، رغم أنه لا علاقة له بكل هذه القصص، يحجب حقيقة الإخفاق الأمريكي عن عين المقاتل ويعزّز معنوياته، وبهذه الصدمة ينسيه الحقائق التي حدثت ويفتح في دماغه صفحة جديدة!!.


- حرب الغاز: من أهم ما نُشر في الياسمينة الزرقاء كان حرب الغاز التي تبيّن حقيقة العدوان على سورية، ورغم أن الإعلام الروسي بثّ عشرات التقارير والحوارات السياسية حول (صراع غاز الأنابيب والناقلات، صراع نابوكو السيل الجنوبي، استهداف الاتحاد الأوروبي للغاز الروسي وغيرها الكثير الكثير) فإن الإعلام السوري أهمل تماماً حرب الغاز على روسيا، رغم أن خط غاز شرق المتوسط يستهدف وحدة الأراضي السورية وتصفية القضية الفلسطينية، باستثناء قناة الإخبارية السورية التي بثت تقارير من مقالاتي أنا كاتب المقال، ولم أفهم عن ماذا تكلموا في تقاريرهم، وحرب الغاز هامة جداً حيث يصاب بالصدمة المقاتل حين يدرك بأنه يقاتل لأجل خط غاز وليس إمارة إسلامية، أو يقاتل لإيصال واشنطن لبترول بحر قزوين وليس لبناء سد ذو القرنين وسط آسيا، وخلق اسم زهرة النسرين يبعد كل قارئ عن الياسمينة الزرقاء التي جوهرها حرب الغاز وتقسيم سورية!!.


- القتال بالسوريين: زهرة النسرين وقبلها ما سُمّي (مقلوبة الأسد) ليست إلا تروجانات تدخل الصفحات الوطنية لتُسْتَثمر ضد الوطن، حين تستغل بشكل خاص من يدافع عن سورية بأي شكل دون أن يقرأ حتى ماذا ينشر، ومن ثم يقوم (عملاء باسم مؤيدين) بنشر عشرات التعليقات أسفل المقال من فئة "إلى متى؟" و"بدنا نخلص من هالأزمة" و"شبعنا نظريات مؤامرة وبطولات وهمية والناس عمبتموت على أيدي عصابات آل سعود" وغيره الكثير من الجمل التي تزرع اليأس في نفس المواطن السوري؟!!.


فالأمريكي والصهيوني بارعان في خلق تروجانات إعلامية ضمن تفاصيل صغيرة تتسلل إلى عقول البسطاء واستثمارها بعشرات الاتجاهات، ولكن الإعلام السوري ليس بارعاً بهذا الأمر وهو جوهر الجزء الثاني.

اقرأ المزيد :




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Syria - Find me on Bloggers.com