16‏/05‏/2012

الإعلام السوري ومواجهة حملات التضليل تفاصيل عملية زهرة النسرين– التروجان (2-2)


بعد أن كتبت رؤوس أقلام عن الإخفاق الأمني الأمريكي، وقليلاً عن أحصنة طروادة الإعلامية (التروجانات) والتي وقع في فخها كثيراً الإعلام السوري، وجب إلقاء نظرة على الإعلام السوري، فقناة الدنيا ومن خلال تقرير صغير سُمّي "التضليل الإعلامي" أرعبت الأعداء، رغم أن التقرير لا يتعدّى زمنه ربع ساعة، ورغم أن ميزانية قناة الدنيا لا تعادل ميزانية أحد مكاتب قناة الجزيرة في العواصم العربية، ولكن الحق يقال أن القناة قامت بجهد كبير تُشكر عليه في التصدي للعدوان على سورية الذي كان بنسبة 90% منه عدواناً إعلامياً، ولهذا وجب الحديث عن ثغرات الإعلام السوري الذي لم يرقَ حتى اليوم إلى حدّ أن يكون إعلام دولة بحجم سورية في المنطقة.


الخطوط العريضة..!


1- مازالت نشرات الأخبار تخلو من فقرة كاريكاتورية نهاية كل نشرة، رغم أن تجربة وسائل إعلام صديقة ومعادية أثبتت أن هذه الفقرة في كثير من الأحيان أهم من النشرة نفسها، ورغم أن الشباب السوري كان على الشبكة العنكبوتية يكتب أهم الفقرات الساخرة بأقلام الشباب أنفسهم.


2-مازالت نشرات الأخبار خالية من المحلّلين السياسيين، رغم أن الكثير من الأخبار يجب التوسع فيها وتضخيمها بأشكال مختلفة ويجب تكرارها وتقديم أكثر من رأي بها، والتحليل ضمن النشرة بدأ بالظهور على الإعلام السوري، ولكنه لا يرقى إلى التحليل المشوق وإلى الخبر الذي وجب تضخيمه، بل كان تحليلاً نمطياً غير مدروس.


3-مازالت القنوات السورية تسوّق للشخص، وبالتالي تسوّق بين مؤيديها ولا تسوّق للأفكار التي تُطرح لجر الجمهور إلى محللين سياسيين مهمين وأفكار مهمة، وخصوصاً في المنعطفات الحسّاسة، وهذا يؤدي إلى تكرار الجمهور، بل وإلى خسارة بعض المشاهدين، فعوضاً عن التسويق لأفكار ستُطرح مع محلل سياسي يتمّ التسويق للمحلل السياسي، وبالتالي لا تكرر الجمهور فحسب بل تخسر من مشاهديها عوضاً عن التسويق لأفكار تجذب جمهوراً جديداً.


4-مازالت القنوات السورية خالية من الأفلام الوثائقية والبرامج السياسية الهامة التي يمكن أن تجذب المشاهد، ومازالت برامجها تعاني من الرتابة.


5-مازال الإعلام السوري يتعامل مع المسلّمات وفق تفكير مسؤولي الإعلام، وليس وفق عقول المشاهدين ودون استطلاعات للرأي حقيقية تبحث عن العيوب والنواقص، وبالتالي تترك فراغاً إعلامياً للعدو، فمثلاً ربما بالنسبة لمسؤول إعلامي سوري يكفي تصريح الملك عبد الله عن الديمقراطية في سورية لإثبات أن ما يحدث على الأرض مؤامرة، ولكن على الأرض هناك عقول يمكن أن تنسى ماذا حدث أمس وتحتاج الى التكرار، والدخول إليها بطرق مختلفة، لأن خبراً واحداً أو إشاعة واحدة من الممكن أن تدمّر سجلاً إعلامياً لسنة كاملة من ذاكرته.


6-بعض الإعلام السوري أخذ دوراً سلبياً في الأزمة السورية، كالبث التجريبي غير المنتهي والتقارير السيئة التي لا هدف لها سوى تعبئة فراغ زمني والتسويق السيئ للبرامج.


7-عدم قدرة الإعلام على الحفاظ على كثير من الثوابت الواضحة، بسبب عدم قدرته على استذكار الماضي في ذهن المشاهد والحقائق التي مرت، وبالتالي مازال الإعلام بعيد جداً عما يُسمّى التأثير بالرأي العام.


8-عدم استثمار نقاط ضعف العدو بشكل يساهم بفضح المؤامرة، وعدم طرح الأسئلة التي تترك المشاهد يصل إلى مسلماته الوطنية، بل وأكثر من ذلك ترك الأسئلة التي يبثّها الإعلام المعادي دون أجوبة، رغم أن الإعلام المعادي يعتمد بالدرجة الأولى على الكذب وتغييب الحقائق، بينما الإعلام السوري لا يحتاج إلا إلى إعادة كشف الحقائق المغيّبة من عقول المشاهد البسيط.


9-سياسة الخيار والفقوس من خلال ضيوف التلفزيونات السورية أو من خلال نشر تقارير مواقع إلكترونية دون الإشارة لها، في حين يُشار إلى مواقع معيّنة فقط كمصادر، وبالتالي إحباط الشباب السوري المدافع عن وطنه، فضلاً عن سرقة التقارير الإخبارية من قبل بعض المواقع بشكل فج.


10-التعامل مع قوانين الإصلاح التي صدرت كما تعامل أهالي قرية أم الطنافس في مسلسل "ضيعة ضايعة" مع قرار حرية التعبير، وعوضاً عن استثمار قوانين الإصلاح لتطوير الإعلام ارتبك الإعلام وأعاد إنتاج نفسه كإعلام شمولي، على الرغم من أن الإعلام في بلد بحجم سورية ودورها في المنطقة كان يجب أن يكون في دور الريادة قبل سنوات وقبل الإصلاح.


11- لم يستثمر الإعلام السوري سقوط مصداقية وسائل إعلام كبرى، وعوضاً عن احتلال الساحة الإعلامية كرّر نفسه برتابة قاتلة، وفضلاً عن كسب الجمهور العربي لم يحافظ على الجمهور السوري الذي كسبه خلال الأزمة السورية.


12- لم يقم الإعلام السوري بأي دور في التصدي للحرب النفسية، ولا بشن أي حرب نفسية على العدو، بل كانت بعض صفحات الشباب السوري على "الفيسبوك" أهم من أداء وزارة الإعلام، وما قام به الجيش الإلكتروني السوري لم تقم به وزارة الإعلام السورية نفسها.


وللحديث تتمة..؟


الحديث عن الثغرات في الإعلام السوري طويل، وإذا أردت طرح الأمثلة ودغدغة الذاكرة لن أنتهي من الكتابة، وقد استغليت الحديث عن زهرة النسرين للإضاءة على إخفاقات الإعلام السوري وأحصنة طروادة الإعلامية المعادية، ولكن حتى أنصار سورية في الدول العربية يسألون في بلد بحجم سورية: هل يعقل أن تبقى بهذا الإعلام المتواضع؟.. فالجيش العربي السوري قام منذ حرب الاستنزاف عام 1973 حين أوقف السادات حربه وترك الجيش السوري وحيداً مروراً بعام 1982 حين واجه الكيان الصهيوني في لبنان بعد أن فقد أهم دفاعاته الجوية، بمعارك باسلة وواجه عصابات (الإخوان الشياطين) في الداخل دفعة واحدة وصولاً إلى تنفيذ عمليات عسكرية جراحية في غاية الدقة ضد العصابات المسلحة عجزت عنها جيوش دول كبرى، هل يعقل أن يبقى هذا الجيش بلا ظهير إعلامي؟!.. في سورية الجدار الأخير للمقاومة التي سياستها أذهلت العالم ودورها الإقليمي يعادل دور دول عظمى، هل يعقل أن تبقى بإعلام متواضع؟!.. في بلد شعبه من أكثر شعوب العالم تسييساً ولم تنطلِ على غالبيته أخطر الحروب الإعلامية، هل يعقل أن يبقى هذا البلد بلا إعلام سياسي؟!!.


نعم هناك تروجانات إعلامية ونشر إشاعات يساهم بها كبار السياسيين العرب ضد سورية، وهناك تقصير إعلامي غير مسبوق، فمن المضحك أن غالبية الشعب السوري لليوم تعتقد أن الإخبارية السورية قناة حكومية وليست قناة خاصة، ولا يعلمون أن سورية بما تمثل إلى اليوم لا تملك قناة إخبارية، ولم تنجح في الإعلام السياسي كما نجحت في نشر الدراما السورية!!.

اقرأ المزيد :




0 التعليقات:

إرسال تعليق

Syria - Find me on Bloggers.com